تغزوت الحسيمة: 4700 نسمة بين جبال الريف وواقع صحي مُر


 تغزوت الحسيمة: 4700 نسمة بين جبال الريف  وواقع صحي مُر

بقلم : أحمد لخليفي -الحسيمة


تتربّع قرية تغزوت الحسيمة ،تلك البقعة الهادئة في أحضان جبال الريف على ٱرتفاع حوالي 1100 متر، بالمغرب، يعيش سكانها البالغ عددهم نحو 4700 نسمة في كنف الطبيعة الخلابة، لكنهم يواجهون واقعاً صحياً قاسياً يضعهم في مواجهة يومية مع شبح الإهمال وندرة الإمكانيات. المستشفى المحلي، الذي يفترض أن يكون شريان الحياة لهم، تحوّل إلى رمز للمعاناة وكفاح من أجل البقاء.




واحة من السكينة وصراع من أجل العلاج:

تبعد تغزوت عشرات الكيلومترات عن أقرب مدينة كبيرة،مما يجعل مستشفاها هو الملاذ الوحيد لأهالي القرية والقرى المجاورة. ومع ذلك، فإن هذا الملاذ يشبه أكثر "عيادة إسعافية" منه مستشفى متكامل. يعاني المركز من نقص حاد في أبسط المقومات؛ فالأقسام المتخصصة شبه غائبة، والأجهزة الطبية إما قديمة أو معطلة، والكوادر الطبية محدودة العدد وتكافح للتعامل مع تدفق المرضى.


نقص في كل شيء إلا الصبر:

يقص سكان القرية قصصاًمؤلمة عن الواقع الصحي. فحالات الولادة المعقدة، والحوادث، والأمراض المفاجئة تتحول إلى رحلة عذاب. غالباً ما يتم تحويل المرضى إلى مستشفيات مدن  أخرى مجاورة ، في رحلة شاقة وخطرة على طرق جبلية وعرة، تستغرق ساعات قد تكون فارقة بين الحياة والموت. ويشتكي الأهالي من:


· نقص الأدوية الأساسية: حيث يضطر المرضى أو ذووهم إلى السفر لشرائها من المدن البعيدة.

· غياب الأطباء المتخصصين: يقتصر العمل في كثير من الأحيان على غياب تام  للطبيب العام أو ممرضين، مما يعجز عن تغطية الاحتياجات الصحية المتنوعة.

· تدهور البنية التحتية: مباني المستشفى تحتاج إلى صيانة عاجلة، وتجهيزاته لا تواكب الحد الأدنى من المعايير.


صرخة ٱستغاثة لا تسمعها ضوضاء المدن:

يمثل هذا الواقع الصحي انتهاكاً صارخاً للحق الأساسي في الصحة الذي يكفله الدستور. سكان تغزوت، الذين يساهمون في الحفاظ على هوية المنطقة الغنية بالتراث والطبيعة، يشعرون بأنهم منسيون. لقد توجهوا بشكاويهم مراراً إلى المسؤولين المحليين والإقليميين، ولكن صرخاتهم غالباً ما تذهب أدراج الرياح، أو تُلقى بوعود تتبخر مع مرور الوقت دون أي فعل ملموس على الأرض.


تضامن محلي في مواجهة الإهمال:

في غياب التدخل الحكومي الفعال،يلجأ أهالي تغزوت إلى التضامن فيما بينهم. يتم تنظيم مبادرات محلية وجمعوية لمحاولة سد بعض الثغرات، مثل توفير بعض المساعدات الطبية أو تنظيم قوافل طبية تطوعية عندما يتسنى ذلك، لكنها تبقى مجرد مسكنات لا تحل جذورة الأزمة الهيكلية.




منطقة تغزوت ليست مجرد نقطة على الخريطة، إنها مجتمع حي بأطفاله وشيوخه ونسائه ورجاله الذين يستحقون رعاية صحية لائقة. معاناة المستشفى في تغزوت هي صورة مصغرة عن معاناة العديد من المناطق النائية في المغرب. إن إنقاذ هذا المستشفى وتجهيزه بالكوادر الطبية المتخصصة والأجهزة الحديثة ليس ترفاً، بل هو واجب إنساني وأخلاقي، وخطوة ضرورية لتحقيق العدالة المجالية والتنمية الشاملة. قبل أن تتحول قصص الصبر إلى مآسٍ، يجب أن تصل صرخة أهالي تغزوت إلى مسامع من بيدهم القرار الأول و الأخير كوزير الصحة ثم والي الجهة  و عامل عمالة الحسيمة و هلم جرا...........

أحمد لخليفي : واحد من خدام الأعتاب الشريفة و الأسرة العلوية قاطبة وراء جلالة الملك المنصور بالله و صنوه الجليل مولاي الحسن ..

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

المجلس الجهوي لهيئة الطبيبات و الأطباء يفتتح أول مقر خاص به

للكاتب المغربي محمد خالد الشفقي ،صدور الطبعة الثانية من كتاب:"محمد السادس و نهضة المغرب"