مقال التخرج – أيوب الأوكايل "حين ينتصر الحلم على سوء التوجيه"


 مقال التخرج – أيوب الأوكايل

"حين ينتصر الحلم على سوء التوجيه"


لم يكن اختياري لشعبة الكيمياء بعد الباكالوريا نابعًا من شغف، بل كان نتيجةً لسوء التوجيه. مثل كثيرين غيري، دفعتني موجة الاختيارات المرتجلة إلى مسار لا يُشبهني. جلستُ على مقاعد المختبر أراجع تفاعلات العناصر، بينما في داخلي كان يتفاعل شغفٌ دفين بالمسرح، وصخب الخشبة، وسحر الصورة، وذاك الحنين الغامض إلى الحكاية.



لم يطل الوقت حتى قررت أن أنقذ ذاتي، وأن أستعيد صوتي ومساري. فتركت الكيمياء، بكل "منطقها"، وفتحت بابا على الفن، بكل جنونه وصدقه. التحقت بالإجازة المهنية في مهن المسرح والدراما، وكانت تلك أول خطوة حقيقية على طريق يُشبهني. وهناك، اخترت أن أجمع بين تكوين مسرحي وولع بالصورة، فأنجزت مشروعي المهني بعنوان:

"الإخراج السينمائي: إخراج فيلم البوهالي نموذجا"، وهو تجربة أولى في الغوص داخل عوالم السينما بلغة بصرية نابعة من ذاتي وبيئتي.




في هذه المرحلة، وجدت من يأخذ بيدي نحو فهم أعمق للفن، لا بوصفه فرجة فقط، بل بوصفه خطابًا وجدلًا وتجليًا جماليًا. وهنا بالذات  أتقدم بخالص الشكر والامتنان لأساتذتي في مرحلة الإجازة:

الدكتور ميلود بوشايد، والكتور محمد فراح، والأستاذ العزيز قاسم العجلاوي، الذين كان لهم الفضل في تأطير بداياتي الفنية والمعرفية.


واليوم، بعد سنوات من التكوين، أبلغ نهاية محطة جديدة من هذا المسار، بتخرّجي من ماستر دراسات مسرحية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية – المحمدية. تخرج لا أراه خاتمة، بل امتدادا لمسار بدأ بالشغف وتكفل به الإصرار.


أشكر من قلبي كل أساتذة الماستر الذين واكبوا هذه الرحلة:

الدكتور أحمد توبة، منسق الماستر، والأستاذة الدكتورة أمل بنويس، وجميع أساتذة الماستر، كل باسمه ومكانته، لما قدموه لنا من دروس ومواكبة ونقاشات محفزة.

كما أتوجه بالشكر إلى الدكتور منير السرحاني، و الدكتور الحبيب ناصري، المؤطرين العلميين لبحثي لتوجيهاتهما القيمة و النيرة التي أنارة طريقي للحصول على المعرفة.


وأخص بالشكر المنتج إدريس الإدريسي على مساعدته القيمة في إنجاز البحث الميداني، وتيسير المعطيات الضرورية للقراءة التحليلية لبرنامج صدى الإبداع، الذي مثّل النموذج المركزي في بحثي.


كما أعبر عن خالص امتناني لإدارة الكلية وعمادتها، على ما وفرته من ظروف علمية وبشرية ملائمة لإنجاز هذا المسار.


ولا أنسى أصدقائي الذين شاركوني هذه المغامرة، بتفاصيلها، وتعبها، ولحظات الصمت والفرح والإنجاز. لقد كنتم السند والذاكرة.


لقد حمل بحثي في سلك الماستر عنوان:

"أسئلة المسرح في البرامج الثقافية التلفزية المغربية: برنامج صدى الإبداع أنموذجا"، وكان محاولة لفهم تمثلات المسرح في الإعلام المغربي، وكيف يمكن للبرامج الثقافية أن تعيد الاعتبار لهذا الفن، بوصفه فكرا حيا، لا مجرد ترف بصري.


ولكل من يقرأ هذه السطو الآن، ويشعر أنه في المكان الخطأ، أقول:

قد لا نملك سلطة البداية، لكننا نملك دائما شجاعة التغيير.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

المجلس الجهوي لهيئة الطبيبات و الأطباء يفتتح أول مقر خاص به

تغزوت الحسيمة: 4700 نسمة بين جبال الريف وواقع صحي مُر

للكاتب المغربي محمد خالد الشفقي ،صدور الطبعة الثانية من كتاب:"محمد السادس و نهضة المغرب"