الذكاء الاصطناعي يعيد تشكيل الإعلام والدبلوماسية: نقاشات اليوم الأول من المؤتمر الدولي
الذكاء الاصطناعي يعيد تشكيل الإعلام والدبلوماسية: نقاشات اليوم الأول من المؤتمر الدولي
انطلقت اليوم 11 دجنبر 2025 فعاليات المؤتمر الدولي البارز حول "الذكاء الاصطناعي وتحولات الإعلام والتواصل" الذي يجمع نخبة من الخبراء والباحثين لمناقشة التأثيرات العميقة التي تحدثها التقنيات الذكية في مجالات الإعلام والسياسة والتواصل. وقد شهد اليوم الأول من المؤتمر، الذي استضافته كلية الآداب والعلوم الإنسانية-جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، نقاشات معمقة تناولت الفرص والتحديات التي يطرحها الذكاء الاصطناعي، مع التركيز على مستقبل الإعلام والتواصل، وتأثير الخوارزميات على الرأي العام.
شهد اليوم الأول محاضرات افتتاحية قدمها خبراء بارزون. فقد حذر حسين صاف من أن الخوارزميات تجعل بناء الإجماع الاجتماعي أكثر تعقيداً، بينما دعا عمر غيمي إلى ضرورة حماية الحقيقة والمحتوى في الإعلام والتعليم العالي من خلال تعزيز الأمن السيبراني. من جهته، استعرض حاتم بنيس كيف يساهم الذكاء الاصطناعي في تحسين العلاقة مع العملاء في مجال خدمة الزبناء. أما فيليب بوانار، فقد قدم رؤية نقدية حول "اللاوعي الخوارزمي"، مشيراً إلى أن التحيزات الكامنة في نماذج اللغة الكبيرة يمكن أن تعزز الصور النمطية وتهمش الثقافات غير المهيمنة.
وقد ركزت الجلسة الأولى من هذا الملتقى، التي حملت عنوان "الإعلام والصحافة والذكاء الاصطناعي"، على واقع استخدام الذكاء الاصطناعي في غرف الأخبار. وأجمعت المداخلات على أن الصحفيين يتبنون أدوات الذكاء الاصطناعي بشكل "براغماتي وفردي" بهدف تحسين الإنتاجية وتوفير الوقت في مهام مثل البحث والترجمة والتدقيق اللغوي. ومع ذلك، أثار المتحدثون مخاوف جدية حول غياب أي إطار مؤسسي أو أخلاقي يوجه هذا الاستخدام، مما يهدد موثوقية المعلومة واستقرار الوظائف في القطاع.
وقد أبرزت الدراسات التي قدمها الباحثون، أن القلق المهني يتزايد في صفوف الصحفيين بسبب غياب التكوين المنظم والضوابط الواضحة. وفي هذا السياق، شدد المشاركون على أن الذكاء الاصطناعي يجب أن يُنظر إليه كـ"أداة مساعدة للإبداع" وليس كبديل للعمل الصحفي الذي يتطلب تدخلاً بشرياً لضمان الدقة والجودة.
انتقلت الجلسة الثانية إلى دائرة أكثر استراتيجية، حيث ناقشت "الذكاء الاصطناعي، الدبلوماسية، العمل العمومي، والتواصل المؤثر". وقد كشفت هذه الجلسة عن كيفية إعادة تشكيل الذكاء الاصطناعي لعلاقات القوة بين الدول والشركات والمواطنين. وقدم الباحثون مفاهيم جديدة مثل "المراقبة المتبادلة"، حيث تستخدم المؤسسات الحكومية الذكاء الاصطناعي لمراقبة المواطنين، بينما تستخدم الشركات الكبرى نفس التقنيات للتأثير على القرارات السياسية.
خلص اليوم الأول من المؤتمر إلى أن الذكاء الاصطناعي، رغم كونه أداة فعالة لزيادة الكفاءة، إلا أنه يكشف عن نقاط ضعف هيكلية في القطاعات التي يخترقها. وبرزت حوكمة الذكاء الاصطناعي كقضية محورية، حيث دعا جميع المتدخلين إلى ضرورة وضع أطر قانونية وأخلاقية واضحة، وتطوير برامج تكوين متخصصة، واعتماد نهج هجين يجمع بين كفاءة الآلة وحكمة الإنسان.

تعليقات
إرسال تعليق